لطالما طالبت عبر هذه الزاوية وعبر وسائل الإعلام بتقوية قطاع الرقابة الدوائية، وإنشاء جهاز الرقابة الدوائية الإلكترونية، ولكن قد أكون غافلا عن أشياء أساسية قبل المضي في إنشاء مثل هذه الأجهزة الرقابية المطورة.
من ضمن نشاطاتي تجاه المجتمع، التوعية وتصحيح المعلومات الدوائية الخاطئة في وسائل التواصل الاجتماعي، ولعلي لاحظت في الآونة الأخيرة شيئا يعكس ظاهرة خطيرة في الكويت، ألا وهي ضعف الرقابة الدوائية في المنافذ.
قبل شهر، لاحظت أن هناك حسابات كويتية في وسائل التواصل الاجتماعي تقوم ببيع قطرات علاج ارتفاع ضغط العين، تلك القطرات التي لا توصف ولا تصرف إلا بوصفة متخصص في أمراض العين، ولكن تلك الحسابات غير الطبية تقوم باستيراد القطرات من الخارج وتحديدا من جنوب شرق آسيا، ثم تقوم ببيعها كقطرات لأغراض تجميلية كتحسين نمو الرموش، تلك الممارسة الخاطئة التي حذرت منها الشركات المصنعة وهيئة الغذاء والدواء لما تحمله من مخاطر التهابات بكتيرية للقرنية تنتج عن استخدام الفرشاة غير المعقمة.
ثم كانت الطامة الكبرى قبل أسبوعين، عندما رصدت حسابا آخر – من الكويت كذلك – في وسائل التواصل الاجتماعي يقوم ببيع حبوب لعلاج سرطان الثدي من خلال استيرادها من دولة عربية، وبيعها كحبوب للتجميل، وبعد أن نبهت عبر التواصل الاجتماعي من هذا الخطأ الدوائي، قام الحساب بمسح الإعلان وكأن شيئا لم يكن!
ما بين قطرات علاج ارتفاع ضغط العين وحبوب علاج سرطان الثدي ودخولها بكميات هائلة وبيعها عبر حسابات كويتية في وسائل التواصل الاجتماعي، يكاد يجزم المشاهد أن ما يحدث في الكويت لا يمكن تلخيصه إلا في مصطلح واحد: «انفلات رقابي»، فمن الواضح أن المنافذ لا تخضع لرقابة دوائية دقيقة، فتلك الحسابات المنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي والتي تبيع أدوية ممنوع تداولها عشوائيا وتسويقها، تتخذ الكويت محطة توزيع، حيث يتم إدخال تلك الأدوية إلى الكويت ثم شحنها عشوائيا إلى دول الخليج، عاكسة مدى الانفلات الرقابي في الكويت!
نتمنى من القائمين في قطاع الرقابة الدوائية التعاون مع المنافذ بشكل أفضل لتدارك هذا الانفلات الرقابي وما يحويه من استيراد أدوية وبيعها داخل الكويت وخارجها وما تحمله تلك الظاهرة من مخاطر على الصحة وسمعة القطاع الرقابي في الكويت، محليا وإقليميا.