يعاني ما لا يقل عن 75% من الحوامل من الشعور بالغثيان الذي قد يصاحبه التقيؤ (أجلكم الله)، وما يقارب 40% من أولئك النساء يعانين من هذه المشكلة بشكل يؤثر سلبيا على أدائهن في العمل والمنزل، هذه المشكلة تبدأ غالبا في الأسابيع الأربعة الأولى وتتلاشى تدريجيا بدءا من الأسبوع الثاني عشر، ولكن هناك حالات كذلك قد تستمر لنهاية الحمل مؤدية إلى انخفاض محتمل في الوزن، فقدان عال للسوائل وانخفاض في العناصر الرئيسية في الدم مثل البوتاسيوم.
يعود السبب في غثيان الحمل إلى نشاط عمل المشيمة أثناء الحمل، يصاحب ذلك النشاط اضطراب في الهرمونات في الدورة الدموية والتي تحفز مراكز التقيؤ الدماغية.
حسب دراسة أجريت في السويد عام 2005 فإن الأطفال الذين يولدون وأمهاتهم قد تناولن مضادات الغثيان، يكونون أقل عرضة لنقص الوزن وصغر الحجم وأقل عرضة لأي مشاكل في التكوين مقارنة بمن لم تتناول أمهاتهم مضادات الغثيان.
لذلك تعتبر مضادات الغثيان من العناصر المهمة لحماية صحة الأم الحامل ولحماية الجنين، ولعل أول نصيحة يجب أن تكون للرجال لاسيما المدخنين منهم أن يقلعوا عن التدخين، وأن يتجنبوا الذهاب للأماكن المليئة بهذا النوع من الأدخنة كأماكن الشيشة والدواوين المغلقة، حيث إن رائحة الدخان تعتبر إحدى مهيجات ومحفزات الغثيان عند بعض النساء الحوامل. يصاحب ذلك أيضا تجنب تناول الأطعمة من المطاعم والتي قد يصاحبها تسمم غذائي أو شعور بالغثيان نتيجة تواجد بعض الميكروبات.
تنصح الدراسات كذلك بالتدخل الدوائي او الدوائي التكميلي والتي تستخدم أحيانا مع بعضها البعض لإضفاء مفعول أفضل:
٭ نقطة ب 6: تقع هذه النقط على بعد اصبعين من قاع الكف، وهي معروفة في ممارسات الطب الصيني، وهي تسمى Pericardium 6 أو P6 point، وقد اثبتت الدراسات ان الضغط على هذه النقطة من خلال بعض الأساور التي تباع لهذا الشأن يصاحبه تحسن ملحوظ في شعور الغثيان الخفيف.
٭ الزنجبيل: يكثر الجدل حول استخدام الزنجبيل وأن حرارته تحفز الطلق وقد تؤدي إلى إسقاط الجنين، بينما توصي الدراسات العالمية عن أمان استخدام الزنجبيل في الحمل والتي منها في استراليا (2003)، المملكة المتحدة (2005)، إيران (2014)، وأغلب تلك الدراسات استخدم من خلالها كبسولات مستخلص الزنجبيل المستحضرة طبيا والتي لا يوجد بها شوائب لتجنب أي مخاطر التهابية والتي بينت أن تناول تلك الكبسولات بجرعة 250 ميللي غرام كل 8 ساعات يوميا، له مفعول ملحوظ للوقاية من غثيان الحمل.
٭ فيتامين ب 6 (بايريدوكسين): يعود استخدام فيتامين ب 6 لعلاج غثيان الحمل إلى أربعينيات القرن الماضي وما زالت الدراسات تثبت كفاءة هذا الفيتامين في الوقاية والعلاج من غثيان الحمل والتي منها دراسة موسعة من نيوكاسل توصلت أن فيتامين ب 6 يقلل من الغثيان المصاحب للحمل، هذا كان مدعم بدراسة سابقة بينت أن تناول 10 ـ 25 ملغم من الفيتامين ب 6 كل 8 ساعات تقوم بتخفيض الغثيان بشكل ملحوظ، ما جعل هيئة الغذاء والدواء تعتمد الدواء المسمى تجاريا Diclegis كعلاج لغثيان الحمل، علما بأن الدواء يحتوي على فيتامين ب 6 ومضاد للهيستامين Doxylamine.
٭ مضادات الهيستامين: والتي منها الدواء المذكور سالفا Doxylamine ودواء Promethazine وتعتبر من الأدوية الفعالة وقليلة الثمن لعلاج غثيان الحمل، وهي تعمل أساسا على تثبيط مراكز الغثيان الدماغية وإيقاف الإشارات العصبية من أسفل الدماغ والتي تحفز التقيؤ.
٭ مضادات الدوبامين: مثل دواء metoclopramide بينت الدراسات الإكلينيكية عدم أفضلية هذا النوع من الأدوية مقارنة بمضادات الهيستامين في حالات غثيان الحمل حسب دراسة نشرت في ماليزيا عام 2010.
٭ مضادات السيروتونين مثل Ondansetron وهذا النوع من الأدوية يستخدم بكثرة هذه الأيام، على الرغم من سعره الباهظ، والكثير من الدراسات بينت عدم أفضلية هذا الدواء عن الأدوية سابقة الذكر منها دراسة في ماليزيا عام 2014، بينما بعض التعليمات الدوائية اشارت الى أن هذا الدواء يمكن إضافته كآخر الحلول في حالة عدم جدوى كل الحلول السابقة.
أتمنى أن قد وضحت معاناة حمل المرأة والغثيان، وبينت الخطوات المتبعة من الناحية الدوائية لتفادي هذه المشكلة، وذلك نظرا لأنني لاحظت في الكويت الاعتماد المطلق على استخدام مضادات السيروتونين والتي على الرغم من غلاء ثمنها (تصل إلى 10 أضعاف الأدوية الأخرى) إلا أنها لا تجدي بالمفعول المطلوب عند الكثير من السيدات، وأن الأدوية الأخرى غير متوافرة في العديد من المراكز والصيدليات الخاصة، والذي لا أجد له مبررا!
أتمنى لكم الصحة والعافية.