انطلقت في شهر فبراير الماضي حملة التطعيم التي قامت بها وزارة الصحة مشكورة للوقاية من أمراض النكاف والحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال. عندما شاهدت إعلان الحملة على التلفاز كانت الدعاية تنص على «بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية ونظرا لظهور حالات شلل الأطفال والحصبة في بعض بلدان المنطقة، تنظم وزارة الصحة الحملة الوطنية للتطعيم للوقاية من أمراض الحصبة، الحصبة الألمانية، النكاف (MMR) وشلل الأطفال..»، لفت انتباهي في هذه الحملة شيئان احتواهما نص الإعلان، الأول «.. ظهور حالات في بعض بلدان المنطقة..»، والثاني هو تصريح المسؤولين المعنيين في وزارة الصحة على تلفزيون الكويت بأن «الكويت خالية من شلل الأطفال». قمت على إثر هذا الإعلان بالتواصل مع منظمة الصحة العالمية وسألت عن بعض التوضيحات في هذا الشأن، قامت منظمة الصحة العالمية بربطي مع المكتب الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط، والذي قام بتوضيح بعض النقاط كما يلي.
٭ عندما سألتهم أنه من أبرز ما جاء في إعلان وزارة الصحة أن حملة التطعيم جاءت نتيجة وجود تلك الأمراض في المنطقة، وقد لاحظت عدم وضوح كلمة «المنطقة» فالبعض يقصد منطقة جنوب شرق آسيا مثل الهند وباكستان، والآخر يقول أن تلك الأمراض ظهرت في العراق، ولكن عندما تواصلت شخصيا مع منظمة الصحة العالمية، أفادوا بأنه خلال السنتين الماضيتين، رصدت منظمة الصحة العالمية وبشكل ملحوظ زيادة وظهور حالات الحصبة في الكويت!
٭ حسبما صرحت منظمة الصحة العالمية في مراسلاتها معي في هذا الشأن، فإن ظهور حالات الحصبة في الكويت يعود لسببين رئيسيين، الأول هو أنه وعلى الرغم من توافد العمالة إليها، لم تقم الكويت بعمل برنامج متكامل لاستهداف الحصبة والنكاف، أما السبب الثاني فهو أنه عندما قامت منظمة الصحة العالمية بعمل مسح مناعي للدولة في العام 2015، تبين أن نسبة المناعة ضد الحصبة في الكويت بلغت 93% وهو أقل من الشروط التي وضعتها منظمة الصحة العالمية (بألا تقل المناعة المحلية عن 95%)، لذلك طلبت منظمة الصحة العالمية اعطاء جرعة إضافية من MMR لتحسين المناعة العامة ضد الحصبة في الكويت لتتوافق مع الشروط العالمية.
٭ يرجع السبب في انخفاض جودة التطعيم هو أن تطعيم الأطفال ذوي الأعمار ما دون السنة تصاحبه احتمالية 15% بأن يفشل التطعيم، وتنخفض إلى 5% في حالة ما إذا تلقى الطفل تطعيم الحصبة الثلاثي MMR في عمر 1 ـ 5 سنوات.
قامت منظمة الصحة العالمية مشكورة بإرسال جدول يبين الدول التي طلب منها إجراء حملات تطعيم، وقد لفت انتباهي في هذا الموضوع شيئان:
1 ـ أنه حسب الخطة الزمنية لحملة التطعيم MMR كان من المفترض أن تبدأ في 1/10/2016، بينما قامت وزارة الصحة بإطلاق الحملة في مطلع فبراير 2017، وهذا يعني أن الوزارة تأخرت بمقدار 4 أشهر عن الموعد المحدد من منظمة الصحة العالمية.
2 ـ الموضوع الثاني أن منظمة الصحة العالمية لم تطلب من الكويت إجراء حملة لشلل الأطفال، وأن الدولة الوحيدة التي طلب منها عمل حملة وطنية لتطعيم شلل الأطفال هي لبنان في العام 2014، وهذا يجعل القارئ يتساءل: لماذا صرح الإعلان التلفزيوني بضرورة تطعيم شلل الأطفال إضافة إلى الحصبة، الحصبة الألمانية والنكاف وأرجع ذلك إلى أنه بناء على توصيات منظمة الصحة العالمية، بينما لم تقم المنظمة بطلب تطعيم شلل الأطفال، وقد أكد المسؤولون في الكويت كذلك خلو الكويت من شلل الأطفال!
بالإضافة لما سبق التنويه عليه أتساءل: أين وزارة الصحة والصحة الوقائية من زيادة حالات الحصبة في الكويت؟ ولماذا لم يتم الإفصاح عن هذه المعلومة للعامة وفي الإعلان عوضا عن استخدام مصطلح «انتشار تلك الأمراض في المنطقة»؟ بل لعل الإفصاح عن تلك المعلومة ـ التي لا أعلم لماذا تم إخفاؤها ـ يجعل المواطنين والمقيمين يبادرون بشكل أفضل للتطعيم لاسيما مع وجود أعداد رفضت التطعيم بحجة أنها سبق لها وأن طعمت، وأن الإعلان قد نص على «دول المنطقة» ولم يفصح عن رصد حالات في الكويت! ثم أين وزارة الصحة والصحة الوقائية من انخفاض المناعة المحلية ضد الحصبة؟ لاسيما أن الحملة الأولى ضد الحصبة كانت في العام 2010 (قبل 7 سنوات)، ما يعني أنها فترة كان من الأولى أن تقوم الوزارة برصد الانخفاض المحلي في المناعة والحاجة لتطعيم آخر، عوضا عن انتظار منظمة الصحة العالمية لتقوم بمسح مناعي في العام 2015 حينما اكتشفت انخفاضا في المناعة ضد الحصبة وبناء عليه قامت بطلب إجراء حملة وطنية للتطعيم MMR ضد الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف فقط! ولماذا تأخرت الحملة لمدة 4 أشهر، حيث كان مقررا ان تبدأ في 1/10/2016؟ لاسيما مع انخفاض المناعة المحلية، ووجود بعض الحالات التي سجلت في الكويت ومع توافد العمالة الوافدة، قد يكون هذا التأخير (4 أشهر تقريبا) صدرت عنه حالات حصبة جديدة آنذاك!
أتمنى لكم دوام الصحة والعافية.