تكملة لما سبق نشره، حول استخدام النباتات والمستحضرات النباتية، كما يزعم الكثير، أنها ليست مضرة، واستذكاراً للقول الدارج بين عامة الناس وهو “الأعشاب الطبيعية إن لم تنفع فهي لن تضر”. نكمل كتابة مقالاتنا في هذا الشأن، حيث كنا قد نشرنا من قبل مقالة عن الثوم، في هذه المقالة سنتطرّق للزنجبيل.
يستخدم الزنجبيل في الكثير من التحضيرات اليومية للوجبات، وهو إحدى ركائز الطب الهندي (الإيروفيدا)، ويعتبر مخفضا جيدا للسكر في الدم بنسبة 15 بالمئة، والكوليسترول بنسبة 5 بالمئة وفق دراسة نشرت عام 2003 قامت من حيث تناول الأشخاص للزنجبيل بكمية1 غرام (كبسولة) بعد كل وجبة.
يعتبر الزنجبيل من أفضل النباتات التي تقلل الإصابة بالغثيان والتقيؤ، لذلك فهو يستخدم في حالات متعددة مثل الغثيان المصاحب للسفر والغثيان المصاحب للعلاج الكيماوي ولما بعد العمليات وكذلك الحمل. يتداول الكثير في أيامنا هذه عن أن الزنجبيل يقوم بإسقاط الجنين، بينما هناك دراسة أسترالية عام 2000 في جامعة إديليد وضحت قدرة حبوب الزنجبيل (1غم) ثلاث مرات في اليوم على وقاية النساء الحوامل من الشعور بالغثيان خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل.
الدراسة أوضحت كذلك أن الدراسات السابقة التي تضمنت قابلية الزنجبيل على الإسقاط كانت في حيوانات مخبرية بسبب أن الزنجبيل يحضر عن طريق الغليان بتراكيز عالية، الدراسة كذلك لخصت أن الزنجبيل لا يختلف في أمانه عن فيتامين “B6” الذي يستخدم للغرض ذاته للحوامل.
دراسة من جامعة الكويت عام 2002 أوضحت أن الزنجبيل قادر على خفض نسبة الالتهابات في الحيوانات المخبرية، إضافة إلى دراسات عديدة أوضحت قابلية الزنجبيل على التقليل من الالتهابات، ولاسيما تلك التي في المفاصل وآلامها المصاحبة.
يعتبر الزنجبيل مصدرا جيدا لمضادات الأكسدة التي وُجدت عام 2007 بقابلية الزنجبيل كمضاد للأكسدة على تخفيض المشاكل الجلدية المصاحبة للتعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة.
كل تلك الفوائد المذكورة لا تعني أن الزنجبيل آمن بشكل مطلق، فدراسات متعددة أفادت بأن الزنجبيل يثبط عنصرا فعالا في تجلط الدم، وعليه يحسن مستوى السيولة في الدم، إضافة إلى ذلك، دراسة إكلينيكية في تايوان لأشخاص يتناولون أدوية لتنظيم ضغط الدم مثل المسمى تجاريا (Adalat Nifedipine) أوضحت قدرة الزنجبيل على تقوية فاعلية الدواء خصوصا في منع إحداث الجلطات ما يجعل الزنجبيل عشبة يجب توضيحها خصوصا لمرضى الضغط أو المرضى الذي يتناولون الأدوية المسيّلة للدم كالأسبرين.
في عام 2008، نشرت دراسة مخبرية من نيجيريا أفادت بقدرة الزنجبيل على إطالة مفعول المضاد الحيوي Metronidazole الذي غالبا يوصف لعلاج الالتهابات خصوصا المتعلقة بالنساء تحت مسمى Flagyl بجرعة 2 الى 3 حبات في اليوم، تلك الدراسة أوضحت احتمالية تأثير الزنجبيل على المضاد الحيوي التي قد تترتب عليها أعراض جانبية نتيجة زيادة الجرعة الناتجة عن قدرة الزنجبيل على إطالة أمد المضاد الحيوي وزيادة تركيزه في الدم ولاسيما لمن يتناولونه لأكثر من مرة في اليوم الواحد.
دراسة أخرى عام 2003 استنتجت أن الزنجبيل قد يقلل من فاعلية دواء مضاد الالتهابات المعروف تجاريا بـ voltaren أو cataflam في الحيوانات المخبرية، ما قد يتسبب في قلة مفعول ذلك الدواء.
دراسات في عام 2005 أوضحت قدرة مسحوق الزنجبيل على تهييج الجهاز التنفسي ما يجعل تحضيره في محل الاهتمام والحذر، خصوصا لمن يعانون الربو.
تكمن فاعلية الزنجبيل في مركبات عديدة يحتويها البعض منها قابل للذوبان في الماء والبعض الآخر يتم استخلاص باستخدام الزيوت أو مركبات كحولية، وتكمن مشكلة الزنجبيل الموجود في الأسواق كأغلبية النباتات الموجودة ألا وهي قياسية الجرعة، لذلك تقوم بعض الشركات الدوائية بالتغلب على تلك المشكلة من خلال تصنيعها لبعض الكبسولات التي تحتوي على مستخلص للزنجبيل، تلك الكبسولات يتم إنتاجها بعدما يتم التأكد من ثبات جرعتها ومحتوياتها لتفادي مشكلة قياسية الجرعة. مشكلة قياسية الجرعة في الأعشاب الموجودة في الأسواق تكمن في أن النباتات تتميز بتفاوت إنتاجها لمحتوياتها باختلاف الفصول خلال السنة وكذلك باختلاف طرق النقل والتخزين!
لذلك فتناول حبة من الزنجبيل المستورد من الدولة (أ) قد لا يكون مساويا للزنجبيل المستورد من الدولة (ب)، وتناول الزنجبيل في الشتاء ليس بالضرورة أن يكون له نفس الفائدة للصيف! وشراء الزنجبيل من المحل (أ) قد يكون مختلفا من ناحية الجودة في التخزين والنقل من شرائه من المحل (ب).
وعليه، “الأعشاب كونها طبيعية، وإذا ما نفعت ما راح تضر”، هذا القول الشائع ليس صحيحا، لما تحتويه تلك النباتات على مواد كيميائية تجعلها عرضة للتعارض مع أي دواء آخر، حالها كأي دواء كيميائي آخر.