تصفح الإنترنت وستجد العجب العجاب، ناشطات موضة يروجن لكبسولات لم أسمع بمثلها طوال مشواري العلمي والعملي الممتد من بكالوريوس الصيدلة إلى دكتوراه في علم الأدوية في الكويت والإمارات والمملكة المتحدة.
إن ما يحدث في الكويت هو انفلات رقابي واضح، مع استغلال واضح لسمعة وكيان وزارة الصحة، كبسولات وهمية يتم الإعلان عنها أنها تحتوي خلايا جذعية وتعالج كل أمراض الحياة، ثم يختم هذا الإعلان بجملة «هذا المنتج مرخص من وزارة الصحة»، كبسولات تحتوي على ألياف لا تؤثر بالوزن شيء، وكل الدراسات تعطي أن تأثيرها لا يتجاوز 0.79 كيلوغرام (أقل من كيلوغرام واحد) خلال 5 أسابيع، فيتم الترويج عنها بتضليل بأنها تنقص الوزن بمقدار 9 كيلو في الشهر مع ختمة الإعلان الشهيرة «هذا المنتج مرخص من وزارة الصحة».
عزيزي القارئ، وكل مهتم بالشأن الصحي في الكويت، خذ على سبيل المثال المنتجين اللذين ذكرتهما أعلاه: الكبسولات الجذعية وكبسولات التنحيف المسماة بأسماء عجيبة: الكبسولة السحرية، شراب التكميم، بديل البالون، الكبسولة الوردية، كل هذه المنتجات قامت وزارة الصحة بترخيصها ببند لا يفهمه إنسان في أي قطاع دوائي على هذا الكوكب، المنتجات هذه مرخصة بأنها «غير مصنفة Unclassified product»، ماذا يعني منتج غير مصنف؟ هل هو مكملات؟ هل هو دواء؟ هل هو علبة حلوى؟ السؤال الأهم، لماذا يتناول المستهلك كبسولات غير مصنفة مدونة بالأوراق الرسمية بأنها لا تشفي ولا تعالج ولا تقي ولا تشخص أي مرض؟ بمعنى آخر لماذا يتناول المستهلك منتجات وهمية؟
سبق ان تطرقت لمثل هذا الموضوع في مقالة سابقة بعنوان «الرقابة الدوائية مرة أخرى يا سعادة الوزير» بتاريخ 20 مايو 2018، وما زالت هذه الممارسات مستمرة، يكاد الكلام يمل من تكرار طرحه، ويستمر التضليل ويستمر استهداف المستهلك بهذه المنتجات الوهمية التي يتم ترويجها بطريقة خاطئة مسيئة لسمعة وزارة الصحة.
إن كان المنتج غير مصنف، فلماذا يباع في الكويت؟ لماذا ترخصه وزارة الصحة؟
عندما قلت ان هناك انفلاتا رقابيا، فأنا أعنيه بالحرف، تصفح السوشيال ميديا وسترى منتجات تروج من قبل أطباء، صيادلة، اخصائيي تغذية، ناشطات في مجال الموضة، صحافية ناقدة في مجال الفن، تصفح وتجد العجب العجاب، طبيبا يصور عملية جراحية ويعطي معلومات خاطئة عن العملية، طبيبا يمسك بيده حقنة ويروج لها، طبيبة تمسك علبة فيتامينات وتصرح بأنها أفضل فيتامين للبشرة والشعر.. إلخ، صيدلانية تروج لقطرات «عشبية» تحتوي على خشخاش وأعشاب مخدرة للطفل، طبيبا يروج لمنومات للبالغين وينصح بها لتنويم الطفل والتخلص منه!
أعيد التأكيد هنا على ما تم ذكره من قبل بضرورة إنشاء رقابة دوائية إلكترونية، تقوم برصد وضبط وتنظيف السوشيال ميديا الكويتية من كل هذا.
ملاحظة: أنا لا أنتقد شخصا في أي جهة معنية، أنا أقدم نقدا موضوعيا بناء أطرح من خلاله المشكلة والحلول، ولو أنني لم أتوسم بمن يعملون في القطاع الخير لما كتبت مثل هذه المقالات، أتمنى ألا تسبب هذه المقالة حساسية لأي شخص في القطاع الرقابي.