مع دخول العطلة الصيفية المتزامنة مع عيد الفطر أعاده الله عليكم بالخير والبركة، تتعدد وجهات المسافرين من وإلى مختلف الدول، وكما أن لكل موسم سلعة للرواج فقد لوحظ في الآونة الأخيرة انتشار العديد من الحسابات التي تروج للمنومات والمهدئات للتخلص من براءة الطفل وطفولته «المزعجة»!
فتارة طبيب يوصي بتنويم الطفل بحبوب هرمونات غير مرخصة للطفل، وأخرى يخرج استشاري أطفال يوصي بإعطاء محلول الماء والسكر للأطفال لكي يهدأوا، تلك الخطوة التي تهدئ الطفل من خلال رفع السكر في الدم وما يترتب عليه من إحداث حالة من شبه اللاوعي للطفل، ثم تظهر صيدلانية تروج لقطرات تحتوي على مجموعة من الأعشاب والتي من ضمنها الخشخاش، كل تلك النصائح لم تكن وليدة العدم، فبمجرد أن نرى انتشارها ورواجها وحرص الأمهات -خصوصا- للحصول عليها، نعلم أن هناك طلبا عاليا من الكثير من الأمهات والآباء، ذلك الطلب يختصر في عنوان «كيف نتخلص من هذه العالة التي اسمها طفل؟».
بكاء الطفل في الطائرة ليس اعتباطا فهناك ثلاثة أسباب رئيسية:
٭ فالطائرة يراها الطفل ـ لاسيما الرضيع ـ أنها مكان مظلم مغلق مزعج، مما يتطلب دور الوالدين بأن يعطيانه شعور الأمان، من خلال حمل الطفل وإلهائه بما يناسب عمره.
٭ اختلاف الضغط الجوي في الطائرة ينتج عنه ألم في الأذن، ذلك الألم الذي قد يتغلب عليه الإنسان البالغ والطفل الكبير عن طريق مضغ العلك مثلا، بينما يستطيع الطفل ـ لاسيما الرضيع ـ أن يتغلب عليه من خلال الرضاعة أو استخدام الماصة.
٭ كل العوامل السابقة، قد تنتج عن جوع الطفل بشكل مفاجئ مما يجعله في حاجة للإطعام، وقد تكون حاجته للطعام ليست من ضمن جدوله الزمني المعتاد.
٭ بكاء الطفل ـ لاسيما الرضيع ـ يجب أن يكون محل تقدير المسافرين وفهمهم لذلك، ومن ينزعج من بكاء الطفل فبإمكانه أن يستخدم سماعات الأذن أو سدادات الأذن التي توزع في الطائرة.
٭ أما مشاغبة الأطفال وحركتهم فهناك الطرق التربوية والنشاطات الكثيرة التي من الممكن تطبيقها، للسيطرة عليها.
من المحزن أن نرى ثقافة المجتمع في التخلص من الأطفال منتشرة بشكل كبير، ذلك الانتشار ينعكس في مدى الإقبال على النصائح العشوائية الخاطئة التي يروجها بعض الأشخاص، تلك النصائح المتزايدة بمبدأ العرض والطلب للتخلص من براءة وطبيعة الطفل التي يسميها الكثيرون بـ«إزعاج»، تلك الثقافة الناتجة عن جهل اجتماعي وقلة -إن لم تكن انعدام- في الثقافة الأسرية في العديد من الأزواج الجدد، تلك المعضلة التي بإمكان الأجيال الجديدة أن تتغلب عليها بالتالي:
٭ إن لم تكن لديك الرغبة في تحمل المسؤولية لإعداد الطفل ورعايته والعناية به، فلست مضطرا للزواج.
٭ إن كنت مرغما أو كنت مرغمة على الزواج بتأثير أبويكما، وليس لديكما الرغبة في تحمل المسؤولية لتنشئة ورعاية الطفل، فالأولى هو استخدام طرق منع الحمل المتوافرة في الصيدليات (عوضا عن إنجاب طفل والعجز عن تنشئته أو تحمل المسؤولية لرعايته)، الى ان يأتي الوقت الذي تريان أنه قد حان لتحملكما المسؤولية تجاه المجتمع في رعاية وتنشئة الطفل.
٭ إن كنتما مرغمين على الإنجاب بتأثير أبويكما، وتريدان السفر ولا تريدان تحمل مسؤولية رعاية الطفل أثناء السفر، فمن الأولى أن تجعلا الطفل في رعاية جدته /أو جده عوضا عن أن تأخذا معكما هذا «المرافق الممل الثقيل».
يقول الله في كتابه الكريم في سورة الكهف: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا)، اهتموا بأطفالكم، ولا تجعلوهم ضحايا للكثير ممن يتاجرون بشكل مباشر أو غير مباشر في عالم الدواء.