في يوم الخميس الموافق 5 يوليو2018 أعلنت هيئة الدواء الأوروبية EMA أنها رصدت بعض الشوائب المسماة NDMA في بعض أدوية ضبط ضغط الدم التي تحتوي على الدواء المسمى علميا فالسارتان Valsartan، تلك الشوائب حسبما صرحت هيئة الدواء الأوروبية بأنها رصدت في الدواء الذي تصنعه شركة شيغيانغ هواهاي Zhejiang Huahai الصينية، تلك الشركة التي تصنع المادة الخام (على شكل بودرة) وتقوم بتوزيعها على العديد من المصانع العالمية.
في يوم السبت الموافق 7 يوليو 2018 (أي بعد أقل من 48 ساعة من تقرير هيئة الدواء الأوروبية) صرح الوكيل المساعد لشؤون الرقابة الدوائية عبر وكالة الأنباء الكويتية (كونا) بأن الأدوية المسجلة والمتوافرة في الكويت سليمة 100% (لا أعلم ما هي الدولة التي تسجل أدوية غير سليمة)، ثم قام الوكيل المساعد بالنفي القاطع عبر تلفزيون الراي بأنه لا يوجد أي دواء منظم للضغط به هذه المادة الشائبة، واكتفت إدارة الرقابة الدوائية عبر الوكيل المساعد بالرد على الإشاعات المتعلقة بالدواء المعروف تجاريا باسم دايوفان مصرحة بأن «الأدوية المتأثرة هي أدوية صينية، بينما نحن في الكويت لا نستحضر أدوية صينية»، وكما بدا فإنه من الواضح جليا أن وزارة الصحة لم تميز بين المادة الخام والحبوب، ولم تمض أيام قليلة ففي الفترة من 9 يوليو إلى 15 يوليو قامت كل من مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، والمملكة الأردنية الهاشمة وسلطنة عمان بسحب أدوية فالسارتان المنظمة لضغط الدم، تلك الأدوية التي تصنعها شركات ألمانية، سويسرية، أردنية، أميركية وبريطانية وغيرها الكثير (ماعدا دواء دايوفان من شركة نوفارتيس)، ثم قامت هيئة الغذاء والدواء بسحب الأدوية المتأثرة من السوق الأميركية.
بعد عمليات السحب تلك، تبين أن الدواء المتضرر ليس صينيا، بل كما صرحت هيئة الدواء الأوروبية بأن الدواء المتضرر قد يكون من أي شركة عالمية تستورد المادة الخام (على شكل بودرة) من الصين، لتعود التساؤلات من جديد في الكويت عما بانه إذا كان هناك أي من تلك الأدوية المتضررة، ليصرح الوكيل المساعد لشؤون الرقابة الدوائية في تاريخ 12 يوليو 2018، عبر حسابه الشخصي في وسائل التواصل الاجتماعي (وذلك لأننا في الكويت ليس لدينا حساب خاص للرقابة الدوائية) بأن الوزارة قامت بالتواصل مع جميع الشركات والوكلاء في الكويت لمعرفة إن كان أي من الوكلاء والشركات الموردة أدخلت للكويت دواء فالسارتان المتأثر بوجود شوائب NDMA!
أي تخبط هذا الذي تعيشه إدارة الرقابة الدوائية؟ بدءا من التصريح العشوائي في يوم السبت (7 يوليو 2018) بأن كل الأدوية سليمة وأن الأدوية المتضررة هي صينية (وهذه معلومة غير صحيحة ناتجة عن عدم فهم التقرير الصادر من هيئة الدواء الأوروبية)، ثم بعد أسبوع من ذلك التصريح، تعود الإدارة لتناقض نفسها بأن الوزارة تخاطبت مع الشركات والوكلاء لمعرفة ما إذا كانت هناك أدوية دخلت الى الكويت بها شوائب! لماذا تخاطب الوزارة الشركات والوكلاء؟ أليس من المفترض أن يكون هناك سجل في وزارة الصحة يبين الصادر والوارد من الأدوية؟ ذلك السجل يحتوي على كل التفاصيل المتعلقة بالمصنعية من بلد المنشأ وأرقام التشغيلات وغيرها؟ ثم ألا يوجد أي تواصل بين الرقابة الدوائية في الكويت مع مثيلاتها في الخليج العربي لمعرفة الشركات التي رصدت وبالتالي سحب الأدوية الصادرة منها؟
بلاشك دواء دايوفان ليس من ضمن الأدوية المتأثرة، وذلك لأن الشركة السويسرية نوفارتيس تصنع المادة الخام بنفسها، ولكن ماذا عن الأدوية الأخرى غير دايوفان؟ تلك التي قد تتواجد في المستشفيات الخاصة والصيدليات الخاصة؟ لماذا أعطت الإدارة أهمية للرد على الإشاعة أكثر من توضيح حقيقة الوضع؟