يقولون في إبرة تضعف!

تعتبر مشكلة السمنة وزيادة الوزن وباء تعاني منه دول العالم، حسب منظمة الصحة العالمية فإن نسبة السمنة في العالم ارتفعت بنسبة أكثر من الضعف مقارنة مع العام 1980، الكويت مع الأسف الشديد واحدة من الدول المتصدرة لقائمة نسبة السمنة في العالم، بما لا يقل عن 70% لمن لديهم زيادة في الوزن وما يقارب 40% يعانون السمنة المفرطة.

لا يخفى عليك عزيزي القارئ انتشار إعلانات لبعض المراكز الصحية بوجود دواء لتقليل الوزن وهو عبارة عن حقنة تؤخذ بشكل يومي، في واقع الأمر عزيزي القارئ هذه الحقنة عبارة عن دواء مسماه العلمي Liraglutide تم استحداثه منذ بضع سنوات لعلاج مرضى السكري، هذا الدواء متوافر في السوق باسمين تجاريين أحدهما Victoza والآخر Saxenda وهما يختلفان أساسا باختلاف الجرعة كما سنوضح لاحقا، يقوم هذا الدواء بآلية عمل من خلال تنشيط بعض التفاعلات الحيوية في الجهاز الهضمي التي تقوم بتحسين تدفق الانسولين وعليه ضبط مستوى السكر في الدم، وقد لوحظ كذلك أن تلك الأدوية تقوم بخفض الوزن كعرض جانبي.

في مطلع العام 2015 اعتمدت هيئة الغذاء والدواء الأميركية الدواء المسمى تجاريا Saxenda (وليس Victoza) لخفض الوزن ولكن بشروط:

1 ـ أن يؤخذ إضافة إلى الالتزام بنظام غذائي والتمارين الرياضية.

2 ـ يجب أن يكون معدل كتلة الجسم BMI أكثر من 30 (علما بأن BMI هو ناتج قسمة الوزن بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر).

3 ـ يجب المراجعة الدورية لتقييم كفاءة الدواء في أول 4 أشهر، ففي حالة عدم انخفاض الوزن بمعدل 4%، يجب إيقاف الدواء.

هيئة الغذاء والدواء اختتمت إعلان الاعتماد بالتالي:

«الخطوة القادمة هي دراسة الدواء في مرحلة ما بعد البيع لتقييم سلامة استخدامه للأطفال، ودراسة ما إذا كان الدواء يزيد من احتمالية ظهور أورام سرطانية في الغدة الدرقية، لاسيما أن تلك الأورام قد ظهرت في الدراسات على بعض الحيوانات المخبرية، وأخيرا يجب عمل دراسة ما إذا كان الدواء له علاقة بسرطان الثدي».

ولعلي عندما راسلت هيئة الغذاء والدواء بهذا الشأن أخبروني أنهم ما زالوا لم يقرروا سلامة الدواء للأطفال وأنهم ما زالوا ينتظرون مخرجات الدراسات لتقييم أمان استخدام الدواء في شأن الغدة الدرقية وسرطان الثدي.

العديد من الدراسات العالمية الحديثة استعرضت الفائدة من استخدام جرعة (3mg) يوميا لخفض الوزن، جميع الدراسات بينت أن خفض الوزن كان بسبب إضافة الدواء إلى ضبط نظام غذائي وبرنامج رياضي، حيث كانت الفائدة من هذا الدواء هو زيادة احتمالية استمرارية خفض الوزن بمقدار 5% خلال عام، ذلك يعني أن تلك الدراسات لم تستثن الفائدة من ضبط نمط الحياة دون الحاجة للأدوية، أو مع وجود دواء آخر مثل الدواء Orlistat المشهور باسم الزينيكال.

المشكلة الرئيسية هنا في الكويت تكمن مع الأسف في سوء استخدام هذا الدواء، حيث إنه كما ذكرت متوافر في السوق باسمين تجاريين أحدهما Victoza والآخر Saxenda، الكثير من العيادات الخاصة والمراكز الحكومية تقوم بوصف Victoza وبعضها يقوم بتسميتها «الإبرة السحرية»، أود أن أوضح لك عزيزي القارئ أن دواء Victoza ليس مصرحا لخفض الوزن، وأنه دواء للسكري وذلك لأن جرعته منخفضة (1، 8mg) أثبتت في الدراسات أنها لا تخفض الوزن بشكل ملحوظ، وأنها الجرعة التي تستخدم للسكري وليس لخفض الوزن، بينما دواء Saxenda هو المرخص لخفض الوزن نظرا لأن جرعته أعلى (3mg) وهي الجرعة التي بينت بالدراسات أنها التي تخفض الوزن بشكل ملحوظ كما ذكرنا سابقا، وما يزيد الموضوع سوءا هو أن أغلب الأشخاص يقومون بأخذ هذا الدواء دون تنبيههم بأهمية ضبط نمط الحياة غذائيا ورياضيا، ودون اتباع سياسة الـ 4 شهور لفحص كفاءة الدواء ودون إيعازهم بأن البرنامج يتطلب فترة تصل إلى سنة وقد تكون أكثر لتحقيق النتائج المطلوبة، فيظن الشخص أنه بمجرد استلقائه على الأريكة وتناول ما يحلو له، فإن هذه الإبرة ستقوم بعملها «السحري» وتخفض الوزن!

تخيل معي عزيزي القارئ المشهد حسبما وصفته منظمة الصحة العالمية في ملفها الخاص عن الكويت، حيث بينت أن نسبة طلبة المدارس الذين يعانون من زيادة في الوزن والسمنة لا تقل عن 50%، ربطت ذلك بدراسة أخرى أن ما لا يقل عن 50% من الطلبة يشربون المشروبات الغازية بشكل منتظم، وأن أقل من 20% من الطلبة يقومون بتمارين رياضية لمدة ساعة خلال أسبوع! وأن نسبة 15% فقط من الطلبة يقومون بالمشاركة الفعلية في حصص الرياضة المدرسية لمدة 3 أيام أو أكثر من كل أسبوع! على النحو الآخر البيانات المنشورة من منظمة الصحة العالمية بينت أن أكثر من 60% من طلبة المدارس يقضون معظم أوقاتهم جالسين في المنزل يشاهدون التلفاز ويلعبون ألعاب الفيديو مثل الآيباد وغيره!

قس على ذلك الكثير، هناك فكر سائد في المجتمع يقرن كل خروج للتنزه بتناول وجبة في مطعم وذلك ينعكس في كثرة المطاعم ومدى امتلاء تلك المطاعم في المجمعات التجارية، إضافة إلى ذلك كمية سيارات الطلبات التي تملأ الشوارع والتي تعكس الاعتماد المفرط على المطاعم، إضافة إلى تساهل الناس مع السمنة حيث تسمع الكثير يردد ببساطة «إي مو مشكلة، نسوي تكميم».

بناء على ذلك نتمنى من العاملين في وزارة الصحة مراقبة صرف هذا الدواء حيث إن وصفه وصرفه تحت مسمى Victoza ليس بالمعتمد وليس بصحيح، بل إن كان ولا بد من استخدامه فيجب استخدام Saxenda المصرح لذلك الغرض، كذلك نأمل من وزارة التجارة التشديد على المطاعم والمنتجات كثيرة الدهون والسكريات، وفرض قيمة ضريبية عليها كما هو المعمول به مع منتجات التبغ، فكل تلك المنتجات لها انعكاس صحي سيئ على المجتمع، تتحمل تكاليفه الدولة! كذلك نتمنى من وزارة التربية زيادة النشاطات الرياضية في المدارس ومن وزارات الدولة كافة وجهات العمل في القطاع الخاص أن تضيف عروضا للانضمام للأندية الصحية أو إنشاء أندية صحية خاصة لموظفيها، وأخيرا نتمنى من الأسر تشديد الرقابة على العادات الغذائية، فالكثير من الأطفال أصبح معه بطاقات الشراء الإلكترونية والتي يقومون من خلالها بطلب الوجبات السريعة دون مشورة أولياء الأمور وفي أي وقت خلال اليوم!

نتمنى لكم دوام الصحة والعافية.

Link to article