لكل داء دواء

جميعنا يمر بعارض صحي، فمنا من يلازمه مرض مزمن، ومنا من يصيبه مرض عابر، نسأل الله الشفاء والعافية للجميع، ولكن كثيرا ما نسمع ممن هم حولنا ومع الأسف من أشخاص في المجال الطبي بأن هناك أمراضا لا دواء ولا علاج لها، ولعل أبرز الأمراض التي قرعت بيوت الشرق الأوسط كان مرض التهاب الكبد الوبائي من النوع ج (سي) الذي يصيب خلايا الكبد مسببا تليفا في حالة عدم علاجه ليتفاقم مسببا تلف الكبد المميت، ذلك الفيروس يتواجد بستة أنواع مختلفة (1-6)، في الشرق الأوسط تبلغ نسبة المصابين بهذا المرض قرابة 4% من إجمالي المرضى في العالم، ومن بين أولئك 15% منهم متواجدون في جمهورية مصر العربية. هنا في الكويت وحسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية WHO، فإن نسبة المصابين بمرض التهاب الكبد الوبائي «سي» تقدر بما يقارب 2% من إجمالي السكان، حسب آخر إحصائية في هذا الشأن والمنشورة عام 2014.

قبل العام 2013، كان علاج التهاب الكبد الوبائي C يقتصر على حبوب Ribavirin وحقنة Interferon-alpha وكانت نسبة نجاح العلاج لا تتجاوز الـ 60%، لكن وبفضل الله ثم بتوجيهات منظمة الصحة العالمية وهيئة الغذاء والدواء لمكافحة الأمراض المعدية، تم اكتشاف العديد من الأدوية لعلاج هذا المرض، ولعل أبرز الشركات الدوائية التي عالجت هذا المرض هي شركة Gilead التي بدأت بطرح أول منتج لها بمسمى تجاري Sovaldi في العام 2013، تلاه في العام 2014 منتج آخر Harvoni والذي يحتوي على مركبين أحدهما متواجد في Sovaldi وقد أحدث هذا الدواء طفرة كبيرة في علاج التهاب الكبد الوبائي C بمفعول لا يقل عن 95% ويصل إلى خلال 3 اشهر دون الحاجة لأي حقن، ثم جاءت نفس الشركة لتطرح دواء جديدا Epclusa لعلاج كل أنواع التهاب الكبد الوبائي «سي» بكل أنواعه الستة، وفي العام هذا أطلقت الشركة ذاتها Gilead رصاصة الرحمة على مرض التهاب الكبد الوبائي C بمنتجها الجديد Vosevi الذي لا تقل نسبة نجاحه عن 96%. لاحظ أنه وخلال 4 أعوام عزيزي القارئ كيف تبدل الحال بشكل تام في علاجات هذا المرض الذي حرم الكثير من الزواج والعمل والذي من الممكن تسبب في وفيات كثيرة.

الشركة ذاتها قامت حديثا بتسليم ملفها الكامل لعلاج جديد لمرض الإيدز (نقص المناعة المكتسبة) والذي في الوقت الحالي تحت التدقيق لما قبل الموافقة، شركات أخرى كذلك تقوم بالعمل على أمراض أخرى، هناك ما لا يقل عن 7 أدوية من شركات دوائية مختلفة، تلك الأدوية في المراحل الأخيرة للاعتماد كعلاجات لمرض التصلب المتعدد او ما يسمى MS، بالإضافة إلى أدوية عديدة وجديدة لعلاج السرطانات، أغلب تلك الأدوية هي أدوية بيولوجية كأجسام مضادة مثلا تتميز تلك الأدوية غالبا بدرجة عالية من الكفاءة والأمان في الاستخدام، هذا عوضا عن ما لايقل عن 240 دواء في طور الاكتشاف لعلاج السرطان بالطريقة المناعية الحديثة حسب التقرير الأخير للجمعية الأميركية لمرض السرطان الصادر هذا العام.

هذا يجعلني أستدرج محتوى هذه المقالة إلى التفاؤل بأن القادم سيكون أفضل لاسيما مع زيادة الإنفاق العالمي على الأبحاث الدوائية لمواجهة تلك الأمراض، ذلك الإنفاق تقوده قوتان الأولى القوة الإنسانية والأخرى قوة جني الأموال من الأرباح الناتجة عن علاج شريحة من الناس. لعل سردي لك بعلاجات مرض التهاب الكبد الوبائي خلال فترة قصيرة (4 سنوات) دليل على التسارع المذهل الذي نشهده في العالم الدوائي، ذلك يجعلنا نعود لحديث النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام عندما قال: «ما أنزل الله داء إلا وأنزل معه شفاء» رواه البخاري.

نتمنى لكم دوام الصحة والعافية وأن يشفي الله جميع المرضى.

Link to article