…حيـاكم نتقهــوى

لا تشرق شمس يوم جديد إلا وكثير منّا يبدأ يومه بالقهوة، أحد هؤلاء الناس هو أبرز أصدقائي المقربين (عبدالرحمن) وكثير منا كذلك، اخترت أن أتناول في موضوعي هذا القهوة كمشروب طبيعي يحتوي على الكافيين.

استأذنكم بأن أبدأ معكم بحقيقة علمية بينت أن الكافيين تعتبر أكثر مادة نفسية عصبية مستهلكة في العالم.

تاريخيا هناك الكثير من المشاهير لهم مواقف عديدة ومشهورة مع القهوة، بيتهوفن: الموسيقار المعروف كان فنجان قهوته يحضر من 60 حبة قهوة مطحونة!! الروائي والكاتب المسرحي الفرنسي بال-زاك كان يتناول يوميا ما يقارب 50 كوبا من القهوة، وهو صاحب المقولة المشهورة:

“إذا لم توجد القهوة، لا يمكن للشخص أن يمارس الكتابة، ما يعني أنه مكان غير ملائم للحياة”.

الكثير ممن حولنا يشربون القهوة، الشاي، الكولا والشوكولاتة، التي تحتوي على الكافيين لأهداف مختلفة ومتعددة: أحدهم يجزم أنه مثلما قال بال-زاك: لا يمكن أن يبدع إلا بعد شربها، الأخرى تقول إنها يساعد في إنقاص الوزن.

وددت في هذه المقال أن أقوم بسرد حقائق أتمنى أن تنال إعجابكم، وهي متعلقة بمادة الكافيين..

حسب الكميات الموصى بها وفق المقاييس البريطانية فإن أقصى حد يومي لاستهلاك الكافيين هو ما يقارب 400 مليغرام (ملغم)، وتتراوح كمية الكافيين في فنجان القهوة الواحد من 77 – 150 ملغم، بينما يحوي الشاي 40 – 80 ملغم.

استنادا إلى دراسة من جامعة هارفارد عام 2006، قام باحثون بدراسة تأثير القهوة والشاي والقهوة منزوعة الكافيين، وكان جل اهتمام الباحثين معرفة ما إذا كانت القهوة تؤثر على السكري، واستنتجت تلك الدراسة أن شرب كوبين إلى 7 أكواب يوميا يقلل احتمالية الإصابة بالسكري بنسبة تصل إلى 70 بالمئة، وتوصلت الدراسة إلى أن أساس تلك الفاعلية ليس الكافيين، لأن القهوة المجردة من الكافيين كذلك أظهرت فاعلية مشابهة إلى حد ما للقهوة العادية في الوقاية من الإصابة بالسكري، يذكر أن القهوة المجردة من الكافيين ينصح بها لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم. دراسة أخرى تم نشرها عام 2006 من نيويورك، كانت تبحث عمّا إذا كان للقهوة مفعول ضد السمنة، وضد السكري، نوهت إلى أن الكافيين ليس هو المادة الوحيدة التي تحارب السمنة، لأن القهوة المجردة كذلك كانت سببا في خفض الوزن، وكذلك التقليل من الإصابة بالسكري، خصوصا لمن هم دون الـ60 عاما.

الكافيين أثبت فاعليته في دراسات ميداينة ودراسات حيوانية مخبرية من جامعة هارفارد (2001) في الوقاية من مرض الرعاش، خلال تحسين مستوى الدوبامين (الناقل العصبي الذي يقل إقرازه بنسبة 90 بالمئة عن المستوى الطبيعي)، وكذلك المحافظة على الطبقة الدماغية المسؤولة عن إفراز الدوبامين.

دوائياً، يقوم الكافيين بزيادة دخول الكالسيوم إلى الخلية، وبالتالي إدخال أيونات أخرى من الصوديوم في الخلايا القلبية العضلية والعصبية المسؤولة عن زيادة نبضات القلب، وعليه زيادة ضغط الدم.

ليس هذا فحسب، بل تعتبر من أهم المواد التي تقوم بخفض الجهد الكهربائي اللازم للتشنجات، لذلك فإن كثرة تناول الكافيين مصحوبة بمخاطر الإصابة بنوبات الصرع، تلك الحقيقة حول الكافيين ونوبات الصرع تمت دراستها من خلال حالة طبية في نيوبيرنسويك (الولايات المتحدة)، لمريض يبلغ من العمر 49 عاما ويعاني من الصرع، تم إعطاؤه الشاي بمقدار 4 أكواب خلال 3 ساعات كل يوم، ما أدى لزيادة نوبات الصرع لذلك المريض لفترة امتدت شهرين، نوبات الصرع تلك تم استدراكها من خلال تغيير المشروب إلى مشروب آخر مجرد من الكافيين، لكن الدراسة نوهت إلى أن المريض كان قادرا على شرب كوب واحد يوميا من الشاي، دون أن يصاب بنوبة صرع كحد ملائم لمرضى الصرع.

دراسة أخرى من نورث كارولينا قارنت شرب مستخلص الكافيين مع مشروب حيادي (Placebo)، وبينت أن الكافيين يقوم بإخلال عملية هضم السكريات لفترة تمتد لساعتين بعد الوجبة، هذا الإخلال كان واضحا عندما رصد ارتفاع كل من الأنسولين والسكر في الدم، وأوصت الدراسة ألا يتم شرب الكافيين كالقهوة ومستحضرات الكولا أثناء الأكل، حفاظا على تحسين مستوى السكر وفاعلية الأنسولين.

مشكلة أخرى تكمن في الكافيين نسبة إلى دراسة سويدية عام 2006، وجدت أن النساء في فترة ما بعد انقطاع الطمث، ويحتسين ما يقارب ثلاثة أكواب من القهوة يوميا: أي ما يزيد على 300 ملغم كافيين، تساعد في إضعاف عظام النساء، وبالتالي زيادة مخاطر تعرضهن لهشاشة العظام، الدراسات عموما تنصح بتخفيف الكافيين بمستحضرات الكالسيوم (كالحليب) كي يخفف من مساوئ الكافيين الصحية.

أنصحك بشرب القهوة للاستشفاء من حاجتك لها إن كنت معتادا على شربها تجنبا للأعراض النفسية والسيكولوجية، ولكن يجب أن تأخذ الحذر بأن هناك دراسة من هارفارد وجدت إن شرب القهوة ذات الكافيين عند المدخنين يتناسب طرديا مع مرات التدخين اليومية، أنصحك بشرب القهوة أو الشاي للفوائد الصحية المذكورة في هذه المقالة، مع أخذ الحذر من السلبيات المصاحبة التي تنتج من الإفراط في تناول مشروبات الكافيين، لذلك أنصحك بشرب القهوة ولكن بعقلانية، يقول الكاتب العلمي ستيفين براون صحاب كتابBuzz: The Science and Lore of Alcohol and Caffeine: “يجب عليك أن تكون خبيرا في نفسك، الأشخاص مختلفون باستجابة أجسامهم للكافيين”

 

Link to article